دمشق تسقط ونظام الأسد ينهار- سوريا على مفترق طرق 重生

المؤلف: خالد عبدالعزيز الحارثي10.30.2025
دمشق تسقط ونظام الأسد ينهار- سوريا على مفترق طرق 重生

في تطورٍ مذهلٍ هزَّ أرجاء المعمورة، حققت فصائل المُعارضة السورية المسلحة تقدماً مُذهلاً عبر تحالفٍ تاريخي وغير مسبوق، هو الأكبر على الإطلاق منذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011. فمع بزوغ فجر اليوم الثامن من ديسمبر لعام 2024، تمكنت القوات التابعة للفصائل السورية المُسلحة من دخول العاصمة دمشق أخيرًا، بالتزامن مع انسحاباتٍ مفاجئة وغير متوقعة لقوات الجيش السوري النظامي. وسرعان ما أحكمت قيادة العمليات العسكرية التابعة للفصائل السورية المسلحة سيطرتها الكاملة على المباني الحكومية الرئيسية والحيوية. وفي بيانٍ تاريخي أذاعه التلفزيون السوري الرسمي، صدر البلاغ رقم (واحد)، معلناً سقوط نظام الأسد بشكل رسمي ونهائي، والتأكيد على الحفاظ على ممتلكات ومؤسسات الدولة السورية وضمان استمرار عملها تحت قيادة رئيس الوزراء السابق محمد غازي الجلالي. وقد أكد الجلالي في بيانه أنه أجرى اتصالات مكثفة مع هيئة العمليات العسكرية التابعة للفصائل السورية، مشدداً على ضرورة استمرار مؤسسات الدولة في تقديم الخدمات الضرورية للمواطنين والمحافظة على الأمن والاستقرار، وترك الشؤون السياسية والعسكرية للفصائل والقوى السورية التي ستتولى زمام السلطة وتقوم بانتخاب حكومة مُنتخبة من قِبل الشعب السوري.

إن سقوط نظام الأسد، النظام الذي امتد حكمه لما يقارب الخمسين عامًا، يُعد حدثاً بالغ الأهمية على المستويين الإقليمي والدولي على حدٍ سواء، ولا يمكن بأي حال من الأحوال اختزال ذلك بالتدخل التركي الأخير، حيث إن الانهيار المذهل للنظام بهذه السرعة الخاطفة واستلام الفصائل السورية المسلحة مقاليد السلطة بشكل كامل لم يكن وارداً في أي من الحسابات التركية أو الروسية المُسبقة.

وها هي قيادة الفصائل السورية المسلحة وهيئة العمليات العسكرية تقف اليوم أمام منعطف تاريخي بالغ الأهمية، ومسار حافل بالتحديات والصعوبات الجمة، وذلك من أجل استعادة الدولة السورية وعودتها إلى سابق عهدها، واستعادة سلطة المؤسسات الشرعية والقانونية، وإحلال السلام الشامل والدائم على كامل الأراضي السورية، والعودة التدريجية إلى المنظومة العربية والدولية بما يرسخ الثقة في قدرة الدولة السورية على المشاركة الفعالة في الفعاليات الدبلوماسية ضمن إطار جامعة الدول العربية والمنظمة الدولية والقانون الدولي.

لقد كان تاريخ النظام السوري السابق حافلاً بأعمال العنف والقمع، وعدم الاكتراث بالقانون الدولي والإنساني، وتحمل الشعب السوري الكثير من الانتهاكات والتجاوزات بحقه، وبحق الشعوب المجاورة أيضاً، ولا يخلو تاريخ بعض الفصائل السورية المسلحة من بعض الشبهات المتعلقة بالتطرف والارتباط المحتمل بالمنظمات الإرهابية. وها هو العالم العربي والمجتمع الدولي يقف اليوم مترقباً لما تحمله الأيام القادمة من خطوات حاسمة تأخذ بسوريا الدولة إلى بر الأمان والاستقرار المنشود بعد كل هذه العقود الطويلة من أزمة الهوية والانتماءات المأزومة شرقاً وغرباً، وهذا يُلقي بعبء ثقيل ومسؤولية جسيمة على عاتق قادة هذا الحراك الوطني من أجل طرق أبواب الانخراط الجديد والفعال في العالم العربي والمؤسسات الدولية لتحقيق الرخاء والازدهار للشعب السوري الذي يتطلع بشوق إلى السلام الدائم والعيش المشترك والمساواة والعدالة.

ما أحوج قلوب الشعوب العربية إلى أن تتبلور رؤية قادة التغيير في سوريا بشكل عاجل وأن تصاغ بلغة واضحة وصارمة لا تقبل التأويل أو التشكيك، وذلك بهدف بناء سوريا الجديدة، تلك سوريا ذات الهوية الوطنية الجامعة، والدور الفاعل والإيجابي تجاه مواطنيها ومحيطها العربي، وتجاه قضايا التطرف والإرهاب، والامتناع الكامل عن التدخل في شؤون الدول الأخرى، والمشاركة الفعالة في الفعاليات الدولية الرامية إلى محاصرة الظواهر المشبوهة التي تزعزع الاستقرار في المنطقة بأسرها.

إن المجتمع الدولي برمته يتطلع إلى رؤية مبادرات جادة للانفتاح على أخطاء الماضي، والعمل الدؤوب على المستويين الدستوري والتشريعي لضمان عدم تكرارها أو السماح لها بالتشكل مرة أخرى، والمبادرة بشكل واضح المعالم بإطلاق مشاريع وطنية شاملة للعمل الوطني البناء وتعزيز علاقات حسن الجوار، والعمل على عودة المهجرين واللاجئين السوريين إلى ديارهم ضمن خارطة طريق توافقية تحظى بإجماع وطني واسع وتعيد إلى الدولة والشعب السوري الطمأنينة والاستقرار والمسار التنموي المنشود.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة